الخميس، 12 أغسطس 2010

تحليل تجربة : الجاثي قرب درب الصحراء

تحليل : د. سليمان المدني
الأخوة والأخوات الأفاضل... مع تقديري واحترامي لكل جهد يبذله رواد الموقع في سبيل الارتقاء به نحو الأفضل، وحرصنا جميعاً على سوية الأداء الأمثل..فإن ثمة ملاحظة صغيرة يتناساها البعض في مهب الاندماج الكلي والانفعال الآني.. ألا وهي:


أننا في موقع اسمه ( ما وراء الطبيعة ).. بمعنى أننا لانناقش فيه قصة واقعية قابلة للتصديق أم لا.. بل نحن أمام ظواهرغريبة لايقبلها العقل البشري التقليدي، يرويها لنا أصحابها ويؤكدون على أنها حصلت معهم، ومن الطبيعي أن تكون هذه الظواهر خارجة عن المنطق والمألوف وإلا لما جاؤوا بها إلى موقعنا المتخصص هذا وعليه فكل ما أرجوه من الإخوة الكرام الذين يبدون آراءهم ووجهات نظرهم ويحاولون بذل الجهد لمد يد العون الفكري لأصحاب هذه التجارب أن يقدروا ويحترموا مشاعر رواة التجربة الذين عاشوها وعانوا من آثارها وجاؤوا إلينا طالبين المساعدة على فهم ما يعانون منه فهم ليسوا كاذبين وإنما عقولنا التقليدية التفكير هي القاصرة عن فهم الحقيقة خاصة واننا نحاول أن نفهم الرواية وفقاً لمخزوننا الثقافي والمعرفي ومن ثم نضيف عليها أو نحذف منها حتى تتناسب مع قوالب معرفتنا المسبقة وإذا لم تتطابق مع قوالبنا الجاهزة شككنا في مصداقيتها واتهمنا رواتها بالكذب.


باختصار نحن أمام حدث خارج عن المألوف في تجربة الأخ جمال من ليبيا والتي حملت عنوان " الجاثي قرب درب الصحراء " ، ولكنه حدث متكرر في العديد من الدول وفيه تشابه يكاد يكون متطابقاً مع روايات عدة، فهل نعتبر هذا التشابه دليلاً على اقتباس الحدث وإسقاطه على إحداثيات منطقة أخرى من قبل الراوي..!! أم هو دليل على صدقية الراوي..؟ وإذا اعتبرنا أن الراوي ينقل لنا قصة سمعها ثم يفبركها بأبطال جدد وبيئة مختلفة فما هدفه من ذلك؟! الشهرة...التسلية ...وإضاعة الوقت.. السخرية من الموقع ورواده.. أم ماذا..؟؟

إن من يطالع القصة بهدوء وروية يلمح أن كاتبها أبعد عن هذه الشبهات فهو رجل ناضج وعاقل وليس شاباً متهوراً يبحث عن اللهو بالمواقع وإثارة القفشات والمقالب وأغرب ما سمعته من تعليقات على الرواية هي احتجاج البعض على سفر صاحب القصة وزميله بالسيارة، متناسين أن ركوب الطائرة ليس متاحاً للجميع من الناحية المادية على أقل تقدير.

اليد الباردة
يقول الراوي: " فمددت يدي ومسكت يده اليسرى فإذا هي باردة إلى حد كبير رغم أننا في درجة حرارة لاتقل عن 35  ليلاً ". وهذا الوصف لوحده دليلاً كافياً على أن اليد لاحياة فيها.. وهي خالية من الدم في العروق.. بعنى أنها يد شبحية.. وأن الجسد بمجمله جسد شبحي..!! بدليل قدرته على دخول الغرفة بجانب المسجد وهي مقفلة الأبواب.. ثم اختفاءه نهائياً عندما فتحت الغرفة ولم يجدوا بها أحداً.. ثم عندما أكد أبناء وأحفاد الرجل أنه توفي منذ العام 1964.

ولكن هل نكتفي بالقول أنه جسد شبحي وننهي الموضوع..؟ بالطبع لا.. بل علينا أن نبدأ من هنا.. ونقر أولاً بمصداقية القصة.. وبعدها نتساءل.. هل هذا الجسد الناطق والمتحرك هو شبح الميت..؟

أم هو قرينه كما يحلو للبعض أن يسميه..؟

أم أنه عبث من عبث الجن والشياطين..؟

طبعاً يحق لكل منا أن يتصوره وفقاً لقناعاته حتى لا يقال أني أحتكر الرأي كما يشيع البعض.. ولكني عندما أبدي تحليلي فإن ما أقوله هو ماأكون مقتنعاً به لحظة كتابته.. فربما تأتي بعد ذلك معطيات جديدة تفرض علينا رأياً آخر..

أنا بتقديري الشخصي ومن خلال تجربتي الميدانية أرى أنه شيطان متجسد..

كيف..؟ ولماذا..؟

خاصة وأنه رجل من الصالحين ومن أهل الكرامات كما يروي عنه أبناءه والأحفاد..!!

الجواب أنه لاكرامات لأي مخلوق بعد الموت.. إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث.. لاوجود للكرامات بينها.. ولا تجسد لأي ميت بحجة الكرامات.. يقول الله تعالى:

{ حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ } (100) سورة المؤمنون

إذن فالله سبحانه وتعالى يؤكد استحالة عودة المتوفى للتجسد بأي صورة مادية، سواء كان المتوفى رجل صالح من أصحاب الكرامات، أو رجل شرير من أصحاب السيئات.

وبما أن الشيطان هو المنتفع الوحيد من مثل هذه التجسدات، أقله زعزعة الإيمان عند البشر وتشويه فهمهم لجوهر الدين وتلبيسه عليهم ببدع ما أنزل الله بها من سلطان، فهو يظهر بهذه الصفات ليجسد ويعزز مفهوم الشطحات التي ننسبها لأصحاب الكرامات.

هذا رأي ولا ألزم به أحد من القراء الأعزاء، بل أدعوهم لتقديم وجهات نظر أكثر إقناعاً وأنا أتبعهم.. والله الموفق.

نبذة عن د.سليمان المدني
يحمل د. سليمان المدني (58 سنة) دبلوم دراسات عليا في الباراسيكولوجيا (ما وراء النفس) من كلية ولاية نيويورك ، ولديه من الخبرة 30 سنة حيث زاول العلاج بطريقة التنويم المغناطيسي واكتسب مع الوقت طرقاً للتمييز بين حالات المس الشيطاني والحالات النفسية الأخرى كما عالج ما يسمى بحالة "المس الشيطاني" بالتنويم المغناطيسي. وأصدر العديد من المؤلفات حول التنويم وتفسير الأحلام والتقمص وآخر مؤلفاته (الصيدلية الروحية) الصادر عن دار دمشق عام 2010 ويزود موقع ما وراء الطبيعة بخبرته في هذا المجال كخبير معتمد فيه.

ملاحظة
ما تقدم يعبرعن رأي خبير معتمد لدى موقع ما وراء الطبيعة له إختصاص محدد، بنى رأيه وفقاً لما توفر له من معطيات، ولكن هذا لا يعني أنه الرأي الوحيد فقد يكون لخبراء معتمدين آخرين رأي مختلف أو يناقض ما أتى ،  إدارة الموقع ترحب بتنوع الآراء حيث تجد فيه أمراً صحياً وطبيعياً.
 
آخر تحليلات  د.سليمان المدني
- شرير يلاحق حياتي
- ضحية الزواج المتعثر
- أبي وآخر

0 تعليقات:

شارك في ساحة النقاش عبر كتابة تعليقك أدناه مع إحترام الرأي الآخر وتجنب : الخروج عن محور الموضوع ، إثارة الكراهية ضد دين أو طائفة أو عرق أو قومية أو تمييز ضد المرأة أو إهانة لرموز دينية أو لتكفير أحد المشاركين أو للنيل والإستهزاء من فكر أو شخص أحدهم أو لغاية إعلانية. إقرأ عن أخطاء التفكير لمزيد من التفاصيل .