الاثنين، 13 أكتوبر 2025

حقيقة امرأة تورينزا : المسافرة القادمة من بلد غير موجود

حقيقة امراة تورينزا : ذكاء اصطناعي أن سفر عبر الزمن
إعداد :  كمال غزال

انتشر خلال الأيام الماضية على منصات التواصل الاجتماعي مقطع فيديو مثير للجدل يظهر امرأة تزعم أنها وصلت إلى مطار جون إف كينيدي الدولي JFK في الولايات المتحدة قادمة من طوكيو، وهي تحمل جواز سفر صادراً عن دولة تُدعى «تورينزا» Torenza  وهي دولة لا وجود لها في أي خريطة أو سجل رسمي.

الفيديو الذي نُشر أولاً على تيك توك ثم على منصة X (تويتر سابقاً)، يُظهر المرأة وهي تتحدث بثقة إلى موظفي الهجرة الأميركيين، محاولةً شرح موقع «تورينزا» المزعوم على الخريطة، بينما بدا الارتباك واضحاً على وجوه الموظفين.

هذا المشهد الغريب أثار موجة من التكهنات الجامحة: البعض اعتبره دليلاً على أبعاد موازية أو سفر عبر الزمن، وآخرون تحدثوا عن تجارب سرية أو تستر حكومي.

لكن الحقيقة كانت أبسط بكثير -  وإن كانت أكثر دلالة على زمننا الرقمي -  إذ تبين لاحقاً أن الفيديو من إنتاج الذكاء الاصطناعي (AI) بالكامل.

لا أثر رسمي للحادثة

لم تصدر سلطات مطار جون إف كينيدي أو هيئة الجمارك وحماية الحدود الأميركية (CBP) أو أي وسيلة إعلام موثوقة أي بيان يؤكد وقوع مثل هذا الحادث. كما لم يُعثر على أي سجل لراكبة تحمل هذا الاسم أو ذلك الجواز، ما يعزز فرضية أن الفيديو تم فبركته بغرض جذب المشاهدات وربما تحقيق أرباح سريعة عبر الإنترنت.

تورينزا : بلدة لها وجود فعلي 

من اللافت أن بعض مستخدمي الإنترنت الذين شاهدوا الفيديو لم يتقبلوا بسهولة فكرة أنه مزيف بالكامل. فقد حاول عدد منهم إيجاد صلة واقعية لاسم "تورينزا" من خرائط اليابان، مشيرين إلى أنه يشبه لفظاً بلدة يابانية صغيرة تُعرف باسم "تويِنزا" أو "تُورِنتزا" تقع في إحدى المحافظات الريفية في اليابان. واستند هؤلاء إلى ذلك ليقولوا إن المرأة ربما كانت تشير إلى تلك البلدة، وأن الخطأ في النطق أو الترجمة جعلها تبدو كأنها تتحدث عن "بلد" مستقل.

لكن هذا التفسير، رغم انتشاره، لا يغيّر من جوهر القصة، إذ إن اسم البلدة اليابانية لا يرد في أي جوازات سفر أو سجلات دولية، ولا تمنح اليابان جوازات سفر محلية لمناطقها. ومع ذلك، فإن محاولات الجمهور لربط الحادثة بمكان حقيقي تعكس الرغبة الدائمة لدى الناس في إيجاد خيط واقعي في أكثر القصص غرابة، خاصة عندما تمتزج الغرابة بالتكنولوجيا الحديثة التي تجعل الخيال يبدو قابلاً للتصديق.

مستوحى من أسطورة "رجل تاورِد"

يرجح الخبراء أن قصة "تورينزا" مستوحاة من الأسطورة الحضرية لعام 1954 المعروفة باسم «رجل تاورد – The Man from Taured»، والتي تتحدث عن مسافر غامض وصل إلى مطار طوكيو ومعه جواز سفر من دولة غير موجودة، قبل أن يختفي من محجَزه بطريقة غير مفسرة.

كما أن حادثة «امرأة تورينزا» تشبه إلى حد ما قضية جون زيغروس John Zegrus الحقيقية عام 1959 - وهو محتال كان يصنع جوازات من دول وهمية مثل «توارِد» للاحتيال على البنوك.

تلاشي الخط الفاصل بين الواقع والخيال

مع تسارع تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي في العالم، بات من الصعب أكثر فأكثر التمييز بين الواقع والمصطنع. مقاطع الفيديو التي تُنتَج بالأدوات الحديثة أصبحت قادرة على محاكاة مشاهد حقيقية بإقناع مذهل، إلى درجة أن حتى العيون الخبيرة قد تنخدع بها.

وفي الشهر الماضي فقط، انتشر مقطع آخر يزعم أنه يُظهر مدرّبة بحرية تُدعى "جيسيكا رادكليف" تُقتل على يد حوت قاتل أثناء عرض حيّ، ليتضح لاحقاً أن المرأة لم تكن موجودة أصلاً، وأن الحادثة مختلَقة بالكامل.

خلاصة التحقيق

- الفيديو مصنوع بالذكاء الاصطناعي ولا وجود لبلد يُدعى "تورينزا".

- لا بيانات رسمية أو سجلات سفر تدعم القصة.

- مصدر الإلهام واضح: أسطورة "رجل تاورد" وقضية جون زيغروس.

- القصة تكشف مدى خطورة الخلط بين الواقع والوهم في عصر المحتوى الاصطناعي.

شاهد الفيديو


نبذة عن كمال غزال

باحث سوري في عالم ما وراء الطبيعة (الماورائيات) من مواليد عام 1971، ومؤسس موقع ما وراء الطبيعة Paranormal Arabia، أول منصة عربية متخصصة في هذا المجال الفريد منذ عام 2008 ، أعد وترجم وبحث وأسهم في مئات المواضيع التي تنقسم إلى أكثر من 30 فئة، بين مقالات بانورامية شاملة وتحقيقات لكشف الزيف، إضافة إلى تحليلات لتجارب واقعية تلقاها من العالم العربي، ورصد أخبار مرتبطة بالماورائيات ، تعتمد منهجيته على دراسة الظواهر الغامضة من منظور أنثروبولوجي مع تحليل منظومات المعتقدات والتراث الشعبي وربطها بتفسيرات نفسية وعصبية، إلى جانب استكشاف الأساطير حول العالم ، كما ألّف قصصاً قصيرة مستوحاة مما قرأ وسمع وشاهد، ويسعى نحو أضخم موسوعة عربية عن ما وراء الطبيعة ، الظواهر الخارقة، الباراسيكولوجية، والميتافيزيقية رافعاً شعار الموقع: "عين على المجهول"، ومؤكداً مقولته: "نعم للتفكير، ولا للتكفير".

إقرأ أيضاً ...

0 تعليقات:

شارك في ساحة النقاش عبر كتابة تعليقك أدناه مع إحترام الرأي الآخر وتجنب : الخروج عن محور الموضوع ، إثارة الكراهية ضد دين أو طائفة أو عرق أو قومية أو تمييز ضد المرأة أو إهانة لرموز دينية أو لتكفير أحد المشاركين أو للنيل والإستهزاء من فكر أو شخص أحدهم أو لغاية إعلانية. إقرأ عن أخطاء التفكير لمزيد من التفاصيل .