![]() |
إعداد : كمال غزال |
من بين أكثر الاكتشافات التي أثارت جدلاً في عالم علم الآثار والجيولوجيا، برزت "مطرقة كينغودي" أو ما يُعرف أحياناً باسم "المطرقة الأحفورية"، كأحد تلك الأجسام التي تتحدى التصنيف الزمني التقليدي لحضارة الإنسان على الأرض.
ففي حال صحت الروايات والدراسات المحيطة بها، فهي تشكل لغزاً معرفياً يهدد بتقويض كثير من المفاهيم الراسخة في التاريخ الجيولوجي وتطور الإنسان.
ففي حال صحت الروايات والدراسات المحيطة بها، فهي تشكل لغزاً معرفياً يهدد بتقويض كثير من المفاهيم الراسخة في التاريخ الجيولوجي وتطور الإنسان.
الاكتشاف المثير للدهشة
في عام 1844، وأثناء دراسة ميدانية للأحافير في منطقة كينغودي في اسكتلندا، عثر العالم الاسكتلندي الشهير ديفيد بروستر المعروف بإسهاماته في علم البصريات على جسم غريب شبه مدفون في طبقة صخرية. وعند استخراجه، اتضح أنه مطرقة تحتوي على رأس معدني من الحديد ومقبض خشبي متحجر جزئياً .
كان الجانب المثير في القصة أن المطرقة مغروسة جزئياً في صخرة، ما دفع بروستر وآخرين للاعتقاد أن الجسم قديم جداً - أقدم حتى من الطبقة الصخرية التي تحتويه.
إعادة فتح الملف: دراسة 1985
لم يُمنح الاكتشاف حقه من الدراسة الجادة حتى منتصف الثمانينات. ففي عام 1985، أعيد فحص المطرقة على يد فريق من الباحثين من المركز البريطاني للمسح الجيولوجي وكانت النتيجة المعلنة - وفق ما يتداول على نطاق واسع - صادمة :
تم تقدير عمر الصخور التي تحيط بالمطرقة بـ أكثر من 400 مليون سنة، وتحديداً في العصر الديفوني الذي امتد من حوالي 416 إلى 359 مليون سنة مضت !
وهنا تظهر المفارقة: المطرقة أداة بشرية واضحة، والمعدن والخشب المصاحب لها يحملان خصائص تشير إلى صناعة متقدمة نسبياً. فكيف يكون جسم بشري الصنع مدفوناً في طبقة جيولوجية سبقت حتى وجود الديناصورات بمئات الملايين من السنين ؟
التحليل العلمي والمفارقات
مقبض المطرقة متحجر جزئياً، فيما الجزء الداخلي تحوّل إلى فحم حجري، وهي ظاهرة معروفة في علم الجيولوجيا تحدث عندما تُدفن الأشجار في ظروف معينة عبر ملايين السنين. الغابات المتحجرة في تكساس تقدم أمثلة مشابهة لهذه الظاهرة، لكن التحجر بحد ذاته لا يثبت بالضرورة عمر الجسم المرتبط به، إذ يمكن للخشب أن يتحجر دون أن تكون الأداة نفسها بذلك القِدم.
أحد أقوى الأدلة التي يستخدمها المدافعون عن نظرية قدم المطرقة هو أنها مدمجة بالصخر بطريقة توحي أن الصخر تشكل حولها، لا أن المطرقة وُضعت داخلها لاحقاً.
يقال إن رأس المطرقة لا تظهر عليه علامات أكسدة قوية، ما أثار شكوكاً حول تركيبتها المعدنية، وأُشيع أن نسبة الحديد النقي فيها مرتفعة جداً وهو أمر يتطلب تقنيات متقدمة لتنقيته غير موجودة في العصور السحيقة (وفق النظرة التقليدية).
لا توجد دراسة منشورة في مجلات علمية مُحكّمة تدعم هذا التاريخ رسمياً. معظم ما يُذكر بهذا الخصوص مبني على مصادر ثانوية وتداول في أوساط "الآثار المحظورة" أو نظريات الحضارات المفقودة.
هل الصخور المحيطة بها فعلاً من العصر الديفوني ؟
بعض العلماء يشككون في أن المطرقة كانت موجودة أصلاً داخل الصخر، ويفترضون أن الصخر المتكلس حولها هو نتيجة تراكمات معدنية لاحقة تشبه التكلس الجيري أو الأسمنت الطبيعي، وهي ظاهرة يمكن أن تحدث في بضع مئات أو آلاف من السنين، وليس ملايين.
هل تعرضت المطرقة لتزييف ؟
لم يُثبت علمياً أن المطرقة مزيفة، لكنها تُعرض منذ سنوات في متحف صغير في تكساس يُدعى متحف سومرويل Somerwell Museum دون توفر ملف علمي موثق أو تقارير تحليلية معتمدة من جهات أكاديمية كبرى.
فرضيات مقترحة
فرضية الحضارات السابقة للحضارة الإنسانية المعروفة
بعض المهتمين بـ "الآثار المحظورة" يرون أن هذه المطرقة قد تكون دليلاً على وجود حضارات سبقت الإنسانية الحالية بآلاف أو ملايين السنين، واندثرت لأسباب غير معروفة.
فرضية الخطأ الجيولوجي
يرى العلماء التقليديون أن الصخور المتكلسة حول المطرقة ليست طبقة أصلية من العصر الديفوني، بل تشكلت بفعل تراكمات لاحقة، وبالتالي فإن المطرقة ليست قديمة كما يُشاع.
هل المطرقة لغز فعلي أم سوء فهم جيولوجي ؟
حتى الآن، لا يوجد دليل علمي منشور يُثبت أن المطرقة تعود للعصر الديفوني. ما يُستند إليه هو روايات غير موثقة وتحليلات غير منشورة علمياً، مما يجعل القضية مثيرة للخيال أكثر منها مؤكدة علمياً.
لكن الأهم من ذلك أن قصة المطرقة تفتح باباً لتساؤلات مشروعة حول حدود معرفتنا بالتاريخ الجيولوجي والإنساني، ومدى تعقيد التداخل بين الظواهر الطبيعية والتفسيرات الأثرية، في انتظار ما قد تكشفه دراسات المستقبل.
0 تعليقات:
شارك في ساحة النقاش عبر كتابة تعليقك أدناه مع إحترام الرأي الآخر وتجنب : الخروج عن محور الموضوع ، إثارة الكراهية ضد دين أو طائفة أو عرق أو قومية أو تمييز ضد المرأة أو إهانة لرموز دينية أو لتكفير أحد المشاركين أو للنيل والإستهزاء من فكر أو شخص أحدهم أو لغاية إعلانية. إقرأ عن أخطاء التفكير لمزيد من التفاصيل .