الأحد، 4 مايو 2025

من هي سارة موسبن ؟ وما سر الصورة التي أرعبت الإنترنت ؟

في زوايا الإنترنت المظلمة، تنتشر حكاية مرعبة تُرفق بصورة قديمة غامضة لإضفاء مصداقية بصرية، هي قصة سارة موسبن، الفتاة السويدية التي وُلدت عام 1913 وتوفيت في 1926 عن عمر لا يتجاوز 13 عاماً. لكن، هل هذه القصة حقيقية ؟ أم أنها مجرد خدعة مدروسة صُممت لإثارة الرعب ونشرها عبر الإنترنت ؟


الحكاية كما تُروى

تبدأ القصة في الريف السويدي، حيث عاشت الطفلة سارة موسبن حياة عادية حتى بلغت السابعة من عمرها. في ذلك السن، بدأ والداها يلاحظان أموراً غريبة: عند منتصف الليل تحديدًا، كانت عينا سارة الزرقاوان تكتسيان بلون معتم وكأنها تتلبسها قوة خفية. كانت تصرخ وتتلوى من الألم، ثم تسقط أرضاً أو تجلس ساكنة وهي تضحك بلا توقف.

لكن الأمر لم يقف عند هذا الحد. بحسب الرواية، خلال نوبات “الشلل” تلك، كانت سارة توجه نظرات كريهة ومظلمة لكل من حولها، نظرات وصفها والداها بأنها “ نظرات لعنات ”. والأسوأ، أن من يتلقى تلك النظرات سواء خادماً أو قريباً كان يُصاب بمصير مشؤوم: أمراض غامضة، حوادث مفاجئة، وحتى الموت المؤلم.

وفي عام 1926، توفيت سارة بشكل مأساوي. أراد والداها تخليد ذكراها، فاستدعيا مصوراً لالتقاط صورة بعد الوفاة وهي عادة كانت شائعة حينها. 

هنا تأتي ذروة القصة: أثناء التصوير، فتحت سارة عينيها فجأة، واجهت الجميع بنظرتها الملعونة، ثم أغلقت عينيها وكأن شيئاً لم يكن. ووفقًا للرواية، بعد أيام فقط، مات كل من حضر تلك الجلسة بمن فيهم المصور والأقارب  في ظروف غامضة، وعُثر عليهم جميعاً بعيون سوداء بالكامل، تماماً كعيون سارة في تلك الصورة.


هل تمثل الصورة دليلاً  ؟

ينتشر مع القصة على مواقع التواصل الاجتماعي صورة قديمة لطفلة مغطاة جزئياً بوشاح، لا يظهر منها سوى عيون تبدو داكنة ومخيفة. تُقدَّم الصورة باعتبارها صورة سارة موسبن الملعونة. لكنها في الحقيقة، عند التحقيق، لا تحمل أي إثبات أو مصدر يُربطها بهذه القصة. لا يُعرف من التُقطت له هذه الصورة أصلاً، ولا يوجد أي سجل رسمي أو أرشيفي يربطها بفتاة تدعى سارة موسبن. على الأرجح، الصورة مجرد صورة قديمة عشوائية ذات طابع غامض، أُعيد استخدامها لإضفاء " شرعية بصرية "  على القصة الملفقة.


البحث وراء القصة

عند الغوص في السجلات السويدية، لا نجد أي ذكر لشخصية تدعى سارة موسبن، سواء في سجلات المواليد أو الوفيات أو حتى سجلات الطب النفسي. لا توجد مقالات صحفية تاريخية، ولا تقارير عن فتاة أُصيبت بمسّ شيطاني وأودعت في مصحة عقلية، ولا حادثة تصوير غريبة تسببت بموت جماعي.

الأدلة الرقمية تكشف أن أقدم ظهور للقصة يعود إلى عام 2019، حيث ظهرت لأول مرة على مدونات ومنتديات إسبانية متخصصة في الكريبي باستا Creepypasta (قصص رعب خيالية منتشرة عبر الإنترنت). لاحقاً، انتقلت القصة إلى المنتديات الإيطالية، ثم إلى المحتوى البرتغالي والإنجليزي، حيث أُعيدت صياغتها عدة مرات مع إضافات وتغييرات بسيطة (حتى أن بعض الروايات قدمت تواريخ متناقضة لميلادها: مرة 1813، وأخرى 1913).

علاوة على ذلك، تحمل القصة بصمة شهيرة من بصمات القصص الملفقة: التحذير النهائي الذي يطلب من القارئ مشاركة الصورة أو القصة مع آخرين كي " ينجو من اللعنة" . هذا النوع من الخدع شائع جداً في القصص المسماة بقصص تفاعل الرعب التسلسلي Chain Letter Horror.


لماذا نخدع أنفسنا ؟

القصة كلها من البداية حتى النهاية مجرد أسطورة معاصرة مختلَقة صيغت القصة بدهاء لتبدو واقعية، مُستعينة بصورة قديمة مجهولة المصدر، ومفردات نفسية مرعبة مثل " المس الشيطاني "  و" النظرة القاتلة". لكنها، في النهاية، قصة من بنات أفكار الإنترنت، تكررت بأساليب وأسماء مختلفة على مر السنوات.

ما يجعل مثل هذه القصص تنتشر بسرعة هو فضول الإنسان الفطري، وحبه لجرعة من الرعب حتى لو كان يعلم في أعماقه أنها ليست حقيقية. ومع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح من السهل صناعة خرافة خلال دقائق وجعلها تصل إلى آلاف أو ملايين البشر حول العالم.

إذا صادفت يومًا قصة كـ "سارة موسبن "، تذكر: لا توجد لعنة في الصور، ولا شياطين في النظرات. هناك فقط رغبة بشرية في الإيمان بالغريب… والخوف من المجهول.

إقرأ أيضاً ..

- ما هي حقيقة المرأة ذات الملامح المتجمدة ؟

- حقيقة تحول الفتاة العمانية إلى مسخ

0 تعليقات:

شارك في ساحة النقاش عبر كتابة تعليقك أدناه مع إحترام الرأي الآخر وتجنب : الخروج عن محور الموضوع ، إثارة الكراهية ضد دين أو طائفة أو عرق أو قومية أو تمييز ضد المرأة أو إهانة لرموز دينية أو لتكفير أحد المشاركين أو للنيل والإستهزاء من فكر أو شخص أحدهم أو لغاية إعلانية. إقرأ عن أخطاء التفكير لمزيد من التفاصيل .