الاثنين، 19 مايو 2025

من البيرو إلى المكسيك : كائنات غير بشرية أم دمى محنطة ؟

إعداد : كمال غزال

في السنوات الأخيرة، تصدّرت أخبار غريبة المشهد الإعلامي العالمي، مفادها اكتشاف مومياوات محنطة في أمريكا اللاتينية، يُزعم البعض أنها تعود لمخلوقات غير بشرية بل حتى "فضائية". بين صحراء نازكا في بيرو، وقاعات البرلمان في المكسيك، نشأت موجة من الجدل والانبهار، وسرعان ما واجهتها شكوك علمية واتهامات بالتزييف. فهل نحن أمام اكتشاف ثوري... أم مجرد خدعة بارعة ؟




القصة الأولى: مومياوات نازكا في بيرو
في عام 2017، تم الإبلاغ عن اكتشاف مومياوات محنطة قرب منطقة نازكا جنوب بيرو، وهي نفس المنطقة الشهيرة بخطوطها الجيوغليفية الغامضة. هذه المومياوات وأبرزها ما يُعرف باسم "ماريا" ، أثارت الانتباه فوراً بسبب خصائصها غير المألوفة:

جمجمة ممدودة بشكل غير طبيعي، ثلاثة أصابع طويلة في كل يد ورجل ، طول يتراوح بين 60 و120 سنتمتر.

مغطاة بطبقة بيضاء من تراب دياتومي Diatomaceous Earth، مما ساعد على حفظها

لاحقًا، خضعت هذه المومياوات لفحوصات بالأشعة السينية وتحليل الحمض النووي على يد أطباء شرعيين وفنيين، بعضهم من الولايات المتحدة. وذكرت بعض النتائج أن 30% من الحمض النووي غير معروف.

لكن رغم هذا الزخم، خرج علماء آثار بارزون ، بينهم خبراء من الحكومة البيروفية،  لينفوا صحة هذه المزاعم، مؤكدين أن الجثث مصنوعة من عظام بشرية وحيوانية تم تجميعها وتشكيلها باستخدام مواد لاصقة. حتى أن بعض الفحوص أظهرت غرسات معدنية داخل الأجساد، ما زاد من الشبهات.

ورغم أن الجدل لا يزال قائمًا، فإن المجتمع العلمي يميل إلى رفض فرضية "الكائنات غير البشرية" في هذه الحالة، مؤكدًا أن الأدلة غير كافية، بل مشبوهة.





القصة الثانية: مومياوات صغيرة في كونغرس المكسيك
في سبتمبر 2023، عُرضت مومياوتان صغيرتان في جلسة رسمية داخل البرلمان المكسيكي، وادّعى الصحفي المكسيكي المعروف بخوضه في قضايا الماورائيات، خايمي موسان، أنهما مخلوقات غير بشرية تم العثور عليهما في بيرو.

الصور التي التُقطت للمومياوات والتي لا يتجاوز طولها 30 سنتيمتراً ، أظهرت كائنين غريبي الشكل يرتديان لباسًا احتفالياً تقليدياً، ويشبهان شخصيات من أفلام الخيال العلمي، برؤوس كبيرة وعيون غائرة وثلاثة أصابع فقط.

لكن ردة فعل المجتمع العلمي كانت قاطعة هذه المرة: وصفها الباحثون بأنها "دمى" مصنوعة من عظام بشرية وحيوانية، مغطاة بطين وجص، ولا تحتوي على أعضاء داخلية أو أنسجة حيوية. وقد تم تفنيد كل الادعاءات حول "أصولها الفضائية" بشكل منهجي.

والأهم، أن هذه المومياوات ليست نفسها التي عُثر عليها في نازكا (ماريا وغيرها)، بل هي نسخ مصغّرة ومثيرة للسخرية، عرضت بطريقة استعراضية زادت من الشكوك بدلًا من إثبات أي شيء.

استنتاج: خدعة على مرحلتين ؟
من بيرو إلى المكسيك، نجد أن القصتين ترتبطان بخيط مشترك: الرغبة في إثارة الانتباه عبر تقديم أجساد غريبة الشكل على أنها أدلة على وجود حياة غير بشرية. وبينما تبدو مومياوات نازكا أكثر تعقيدًا وإثارة للجدل، فإن المومياوات المكسيكية المصغرة تكاد تكون مثالًا صارخًا على التلفيق.

الحقيقة أن العلم لا يعترف بالشبهات وحدها، بل بالأدلة القابلة للتكرار والتحقق. وحتى هذه اللحظة، لم تُقدّم أي جهة دليلاً دامغاً على أن هذه المومياوات تعود لكائنات غير بشرية أو فضائية.

بل على العكس، المؤشرات الأقوى ترجّح أنها مخلّقات بشرية مزوّرة، صُنعت بدقة لخداع الجمهور أو لأهداف دعائية.

إقرأ أيضاً ..

- جمجمة ستارتشايلد: جنس أرضي أم هجين خارجي ؟

- غموض يلف مخلوق غريب في المكسيك

- سايريوس : فيلم وثائقي يكشف هوية مخلوق تشيلي الغريب

- مومياوات غامضة في متاحف ومعابد اليابان

- تشاوتشيلا: مقبرة الأشباح

- الرأس المسكون

- دمى أطفال "مسكونة" !

0 تعليقات:

شارك في ساحة النقاش عبر كتابة تعليقك أدناه مع إحترام الرأي الآخر وتجنب : الخروج عن محور الموضوع ، إثارة الكراهية ضد دين أو طائفة أو عرق أو قومية أو تمييز ضد المرأة أو إهانة لرموز دينية أو لتكفير أحد المشاركين أو للنيل والإستهزاء من فكر أو شخص أحدهم أو لغاية إعلانية. إقرأ عن أخطاء التفكير لمزيد من التفاصيل .